الدكتوراه، درجة علمية، تمثل فلسفة التخصص فى مجال بعينه، ولا تُمنح لطالب إلا من جامعة معترف بها، بعد مرحلة من الدراسة والبحث المبتكر والأصيل، أو مجموعة أبحاث متجانسة تمثل أطروحة تخضع للتقييم والمناقشة أمام مجموعة أساتذة مختصين فى مجال الأطروحة، وإذا اجتازها، يحصل على الدرجة العلمية.
ولا يكتفى الحاصل على الدرجة العلمية المرموقة، لمجرد أنه انتزع لنفسه لقب، الدكتور، وإنما يزداد شغفه فى التحصيل العلمى، والمساهمة فى تدشين نظريات جديدة، أو تطوير نظريات قديمة، ومثل هؤلاء يصلون إلى مرتبة العلماء، ترفع لهم القبعات، وينالون كل التقدير والاحترام المجتمعى، وتفخر بهم بلادهم.
فى المقابل، يوجد فئة ترنو للحصول على درجة الدكتوراه، لتحسين وضعها الوظيفى، إذ هناك وظائف لا يمكن شغلها إلا بالحصول على درجة الدكتوراه، لذلك فإن 90% من شهادات الدكتوراه تكون فى مجالات نظرية غير تطبيقية، لا تضيف للعلم والبحث شيئا يذكر.
هذه الفئة، يغلب عليها الأداء الوظيفى الروتينى، وتزدحم بهم الإدارات الحكومية المختلفة، ورأينا كما كبيرا من الحاصلين على درجة الدكتوراه فى المجالات النظرية، يطالبون الحكومة بتعيينهم، وشاهدنا وقفات وتظاهرات لهؤلاء احتجاجا واعتراضا على عدم تعيينهم، رغم أنهم حاصلون على درجة الدكتوراه.
والفئة الثالثة، يحصلون على درجة الدكتوراه، بهدف التفاخر والتباهى، دون أى حيثية علمية، أو تخصص معلوم، وبطريقة ملتوية، وهناك عينات كثيرة، حصلت عليها من دول رصيدها العلمى صفر، وبعضهم اكتشف تزويرهم، وافتضح أمرهم، وأن اللقب حصلوا عليه مقابل مبلغ من المال.
ورغم قيمة درجة الدكتوراه العلمية، ومكانتها المرموقة، خاصة التى تضيف للعلم والبحث قيمة عظيمة، إلا أن القلة من الحاصلين عليها، لا يتمتعون بالثقافة، والقيم الأخلاقية، ورأينا فى السابق، الكم الهائل من أعضاء جماعات وتنظيمات متطرفة، يحملون اللقب، شكلا، لكن المضمون مزرى، ولا يوجد لهم أثر أو بصمة تذكر فى تخصصاتهم، وتجدهم يبثون أفكارًا أخطر من الديناميت، تدميرا للعقول.
أيضًا وخلال الساعات القليلة الماضية، وجدنا طبيبا من حملة هذه الدرجة العلمية، الدكتوراه، فى مقطع فيديو، كيف تجرد من علمه وثقافته، ومن قبل، إنسانيته، فى إهانة ممرض، ومحاولة تركيعه أمام «كلبه».. وهو التصرف الذى أثار غضب كل من شاهد مقطع الفيديو الكارثى، الذى انتشر على مواقع السوشيال ميديا، بشكل لافت، وتحركت الأجهزة المعنية، وبدأت التحقيق فى الواقعة، سريعًا.
واقعة حامل درجة الدكتوراه، من الباب الواسع للتفاخر والتباهى، لكسر أنف ممرض لا حول له ولا قوة، لمجرد أنه تحدث عن «كلب» السيد الطبيب الدكتور الشهير بشكل فيه امتعاض، إنما يؤكد أن درجات الدكتوراه، ليست كل من يحصل عليها، يتمتع بالقدرات العلمية والثقافية والقيم الأخلاقية الرفيعة، وإنما يحصل عليها للوجاهة والتفاخر والفشخرة الاجتماعية، ولا عزاء للعلم والعلماء، وتحية تقدير واعتزاز واحترام للدكتور مجدى يعقوب، ومن على شاكلته!